قصة كاسيميرو- من التهميش إلى أسطورة ريال مدريد
المؤلف: عبدالهادي المستادي (جدة) @ahadi408.11.2025

في مطلع العقد الثاني من الألفية الجديدة، وبالتحديد في عام 2011، ازدهرت الكرة البرازيلية بجيل استثنائي من اللاعبين الشباب، الذين سرعان ما ذاع صيتهم في كبرى الأندية الأوروبية. على رأس هذه الكوكبة اللامعة، تألق كل من نيمار، وأوسكار، وكوتينيو، ولوكاس مورا، بالإضافة إلى الشاب الطموح كارلوس هنريكي كاسيميرو، وغيرهم من المواهب الواعدة.
تمكن هذا الجيل الموهوب من إعادة البرازيل إلى منصات التتويج في فئة تحت 20 عامًا بعد فترة طويلة من الغياب، حيث نجحوا في عام 2011، تحت قيادة المدرب ني فرانكو، في الفوز ببطولتي كوبا أمريكا في بيرو وكأس العالم في كولومبيا. وكان كاسيميرو، نجم ساوباولو، أحد أبرز اللاعبين في هاتين البطولتين الحاسمتين.
في تلك الحقبة الزمنية، كان نادي ساوباولو يمتلك تشكيلة متناغمة ومجموعة من المواهب الشابة، بقيادة المخضرم ريفالدو، بالإضافة إلى لاعبين صاعدين مثل كاسيميرو. وكان المدرب ني فرانكو يتولى القيادة الفنية للفريق، بعد مسيرة موفقة مع منتخب الشباب.
كل هذه المعطيات كانت تشير إلى أن مستقبلًا باهرًا ينتظر كاسيميرو في عالم كرة القدم، إلا أن الأمور لم تجرِ كما هو متوقع. فبعد أن منحه فرانكو الثقة في منتخب الشباب، سرعان ما فقد اقتناعه بقدراته، وأبعده عن الفريق، بل وطالب ببيع عقده.
يحلل خبير الكرة البرازيلية، كريس اتكينس، وضع كاسيميرو بعد انتشار أخبار عن اهتمام نادي أستون فيلا بالتعاقد معه، قائلًا: «لقد كان كاسيميرو يمتلك موهبة فذة، لكنه لم يستغلها بالشكل الأمثل. سطع نجمه في الدوري البرازيلي في بداية عام 2011 مع ساوباولو، الذي قدم أداءً رائعًا في بداية الموسم. وشكل ثنائية رائعة مع ويلينغتون في خط الوسط، أثارت إعجاب الجميع».
ويضيف كريس: «بعد هذا التألق اللافت، شارك كاسيميرو مع منتخب البرازيل في كأس العالم للشباب، وقدم أداءً مذهلاً. لكن بعد عودته، تراجع مستواه بشكل ملحوظ، هو ولوكاس مورا، وسرعان ما انهار موسم ساوباولو. بالإضافة إلى ذلك، أدت الظروف المحيطة بالفريق، مثل وصول دينلسون على سبيل الإعارة من أرسنال وإقالة المدربين المتكررة، إلى تراجع مستوى كاسيميرو وجلوسه على مقاعد البدلاء. ومن هنا بدأت تظهر لديه بعض المشاكل السلوكية، وتعرض لانتقادات لاذعة من قبل مدربيه بسبب عدم الاجتهاد في التدريبات وزيادة وزنه بشكل ملحوظ».
ويوضح كريس المزيد من التفاصيل: «لم يستطع كاسيميرو استعادة مستواه أبدًا، وأنهى ساوباولو موسمه دون تحقيق أي ألقاب، مع وجود الثنائي ويلينغتون ودينلسون في خط الوسط. وحتى بعد إصابة ويلينغتون في الركبة وغيابه لفترة طويلة، تم تجاهل كاسيميرو ولم يحصل على فرصته كلاعب أساسي».
ويختتم كريس تقريره بالقول: «استمرت الانتقادات الموجهة لكاسيميرو، والتي تتعلق بسوء فهمه لأخلاقيات اللعبة وتدني مستواه البدني».
في ذلك الوقت، اعتبر مسؤولو أستون فيلا أن دفع 6 ملايين يورو للتعاقد مع كاسيميرو يشكل مخاطرة كبيرة، وتم صرف النظر عن الصفقة. وأبدى قطبا ميلانو اهتمامًا باللاعب، لكن لم يتم تقديم أي عرض رسمي، وفقًا لوكيل أعماله، الذي صرح لإذاعة تشي كوزا قائلًا: «يولي نادي روما اهتمامًا كبيرًا بالشاب كاسيميرو. ويمكنهم الحصول عليه مقابل 5 ملايين يورو فقط. وإذا استثمروا هذا المبلغ في لاعب شاب موهوب، فإنهم سيظهرون للعالم أجمع أن لديهم نظرة ثاقبة في اكتشاف المواهب الشابة».
ويقول وكيل اللاعبين في الفيفا، ساباتو دورانتي: «قبل بضعة أشهر، كانت قيمة كاسيميرو تتراوح بين 10 و 12 مليون يورو، لكنه أصيب بالغرور بعد أدائه المذهل في كأس العالم للشباب، وتراجع مستواه بشكل ملحوظ».
وهنا ظهر نادي ريال مدريد، متمثلًا في كشافه جوني كالافات، وقرر الرهان على هذه الموهبة، على الرغم من كل التقارير السلبية التي كانت تحيط بها. وتعاقد النادي الإسباني مع كاسيميرو في يناير 2013 على سبيل الإعارة، مع أحقية الشراء مقابل 6 ملايين يورو، ليلعب مع الفريق الثاني «كاستيا».
وبعد أيام قليلة من التعاقد معه، اختاره مورينيو، مدرب الفريق الأول آنذاك، للمشاركة في مباراة ضد ريال بيتيس. وكانت هذه المباراة كافية لإقناع مورينيو وإدارة النادي بضرورة شراء عقده، وهو ما حدث بالفعل. وسُجِّل في التاريخ أن مورينيو هو من وثق في كاسيميرو ومنحه الفرصة الكاملة.
استمر كاسيميرو مع ريال مدريد لموسم واحد، وحقق اللقب التاريخي الذي لا ينسى، وهو لقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة في تاريخ النادي. وفي الموسم التالي، تمت إعارته لمدة موسم واحد إلى نادي بورتو البرتغالي، للعمل مع لوبتيغي، الذي ساعده كثيرًا في تطوير مهاراته واستخدام قدمه اليسرى وتعزيز نضجه التكتيكي. وفي عام 2015، عاد كاسيميرو مرة أخرى إلى ريال مدريد، ليبدأ حقبة تاريخية أسطورية.
بعد عودته، ساهم كاسيميرو في تحقيق ريال مدريد لمجموعة من الألقاب الذهبية، أهمها ثلاثية دوري أبطال أوروبا التاريخية، و 3 ألقاب في الدوري الإسباني. وبالإضافة إلى ذلك، لعب دورًا فعالًا في غرفة الملابس، وخاصة مع اللاعبين الشباب القادمين من أمريكا الجنوبية، مثل فالفيردي وفينيسيوس ورودريغيو. لطالما كان كاسيميرو ذلك اللاعب الذي استطاع تمثيل قيم ريال مدريد ومبادئه بأفضل طريقة ممكنة.
طوال فترة تواجده في ريال مدريد، لم يصدر من كاسيميرو أي تصريح مسيء، ولم يبدر منه أي تصرف يزعج الجمهور. لذلك، في حفل وداعه، بكى الأغلبية وتأثر الجميع. لقد تم بناء جسر كبير من العاطفة بين كاسيميرو والجمهور وكل من ينتمي إلى النادي. وقلة قليلة من اللاعبين الذين تمكنوا من الخروج كما فعل كاسيميرو.
أن تكون لاعبًا برازيليًا وتنضم إلى ريال مدريد وتستمر فيه لمدة 9 سنوات، معظمها كلاعب أساسي، ثم ترحل والجميع حزين لهذا القرار، فهذا يعني أنك بذلت المستحيل وقدمت مصلحة النادي على كل شيء دائمًا.
من لاعب فقد ثقة جميع مدربيه.. إلى قمة كرة القدم. من لاعب تم التعاقد معه مقابل 6 ملايين يورو فقط.. إلى لاعب تم بيع عقده بعد تحقيق كل شيء معه مقابل 85 مليون يورو: قصة تروي لنا معنى الإصرار عند اللاعب والنظرة الثاقبة عند النادي.
تمكن هذا الجيل الموهوب من إعادة البرازيل إلى منصات التتويج في فئة تحت 20 عامًا بعد فترة طويلة من الغياب، حيث نجحوا في عام 2011، تحت قيادة المدرب ني فرانكو، في الفوز ببطولتي كوبا أمريكا في بيرو وكأس العالم في كولومبيا. وكان كاسيميرو، نجم ساوباولو، أحد أبرز اللاعبين في هاتين البطولتين الحاسمتين.
في تلك الحقبة الزمنية، كان نادي ساوباولو يمتلك تشكيلة متناغمة ومجموعة من المواهب الشابة، بقيادة المخضرم ريفالدو، بالإضافة إلى لاعبين صاعدين مثل كاسيميرو. وكان المدرب ني فرانكو يتولى القيادة الفنية للفريق، بعد مسيرة موفقة مع منتخب الشباب.
كل هذه المعطيات كانت تشير إلى أن مستقبلًا باهرًا ينتظر كاسيميرو في عالم كرة القدم، إلا أن الأمور لم تجرِ كما هو متوقع. فبعد أن منحه فرانكو الثقة في منتخب الشباب، سرعان ما فقد اقتناعه بقدراته، وأبعده عن الفريق، بل وطالب ببيع عقده.
يحلل خبير الكرة البرازيلية، كريس اتكينس، وضع كاسيميرو بعد انتشار أخبار عن اهتمام نادي أستون فيلا بالتعاقد معه، قائلًا: «لقد كان كاسيميرو يمتلك موهبة فذة، لكنه لم يستغلها بالشكل الأمثل. سطع نجمه في الدوري البرازيلي في بداية عام 2011 مع ساوباولو، الذي قدم أداءً رائعًا في بداية الموسم. وشكل ثنائية رائعة مع ويلينغتون في خط الوسط، أثارت إعجاب الجميع».
ويضيف كريس: «بعد هذا التألق اللافت، شارك كاسيميرو مع منتخب البرازيل في كأس العالم للشباب، وقدم أداءً مذهلاً. لكن بعد عودته، تراجع مستواه بشكل ملحوظ، هو ولوكاس مورا، وسرعان ما انهار موسم ساوباولو. بالإضافة إلى ذلك، أدت الظروف المحيطة بالفريق، مثل وصول دينلسون على سبيل الإعارة من أرسنال وإقالة المدربين المتكررة، إلى تراجع مستوى كاسيميرو وجلوسه على مقاعد البدلاء. ومن هنا بدأت تظهر لديه بعض المشاكل السلوكية، وتعرض لانتقادات لاذعة من قبل مدربيه بسبب عدم الاجتهاد في التدريبات وزيادة وزنه بشكل ملحوظ».
ويوضح كريس المزيد من التفاصيل: «لم يستطع كاسيميرو استعادة مستواه أبدًا، وأنهى ساوباولو موسمه دون تحقيق أي ألقاب، مع وجود الثنائي ويلينغتون ودينلسون في خط الوسط. وحتى بعد إصابة ويلينغتون في الركبة وغيابه لفترة طويلة، تم تجاهل كاسيميرو ولم يحصل على فرصته كلاعب أساسي».
ويختتم كريس تقريره بالقول: «استمرت الانتقادات الموجهة لكاسيميرو، والتي تتعلق بسوء فهمه لأخلاقيات اللعبة وتدني مستواه البدني».
في ذلك الوقت، اعتبر مسؤولو أستون فيلا أن دفع 6 ملايين يورو للتعاقد مع كاسيميرو يشكل مخاطرة كبيرة، وتم صرف النظر عن الصفقة. وأبدى قطبا ميلانو اهتمامًا باللاعب، لكن لم يتم تقديم أي عرض رسمي، وفقًا لوكيل أعماله، الذي صرح لإذاعة تشي كوزا قائلًا: «يولي نادي روما اهتمامًا كبيرًا بالشاب كاسيميرو. ويمكنهم الحصول عليه مقابل 5 ملايين يورو فقط. وإذا استثمروا هذا المبلغ في لاعب شاب موهوب، فإنهم سيظهرون للعالم أجمع أن لديهم نظرة ثاقبة في اكتشاف المواهب الشابة».
ويقول وكيل اللاعبين في الفيفا، ساباتو دورانتي: «قبل بضعة أشهر، كانت قيمة كاسيميرو تتراوح بين 10 و 12 مليون يورو، لكنه أصيب بالغرور بعد أدائه المذهل في كأس العالم للشباب، وتراجع مستواه بشكل ملحوظ».
وهنا ظهر نادي ريال مدريد، متمثلًا في كشافه جوني كالافات، وقرر الرهان على هذه الموهبة، على الرغم من كل التقارير السلبية التي كانت تحيط بها. وتعاقد النادي الإسباني مع كاسيميرو في يناير 2013 على سبيل الإعارة، مع أحقية الشراء مقابل 6 ملايين يورو، ليلعب مع الفريق الثاني «كاستيا».
وبعد أيام قليلة من التعاقد معه، اختاره مورينيو، مدرب الفريق الأول آنذاك، للمشاركة في مباراة ضد ريال بيتيس. وكانت هذه المباراة كافية لإقناع مورينيو وإدارة النادي بضرورة شراء عقده، وهو ما حدث بالفعل. وسُجِّل في التاريخ أن مورينيو هو من وثق في كاسيميرو ومنحه الفرصة الكاملة.
استمر كاسيميرو مع ريال مدريد لموسم واحد، وحقق اللقب التاريخي الذي لا ينسى، وهو لقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة في تاريخ النادي. وفي الموسم التالي، تمت إعارته لمدة موسم واحد إلى نادي بورتو البرتغالي، للعمل مع لوبتيغي، الذي ساعده كثيرًا في تطوير مهاراته واستخدام قدمه اليسرى وتعزيز نضجه التكتيكي. وفي عام 2015، عاد كاسيميرو مرة أخرى إلى ريال مدريد، ليبدأ حقبة تاريخية أسطورية.
بعد عودته، ساهم كاسيميرو في تحقيق ريال مدريد لمجموعة من الألقاب الذهبية، أهمها ثلاثية دوري أبطال أوروبا التاريخية، و 3 ألقاب في الدوري الإسباني. وبالإضافة إلى ذلك، لعب دورًا فعالًا في غرفة الملابس، وخاصة مع اللاعبين الشباب القادمين من أمريكا الجنوبية، مثل فالفيردي وفينيسيوس ورودريغيو. لطالما كان كاسيميرو ذلك اللاعب الذي استطاع تمثيل قيم ريال مدريد ومبادئه بأفضل طريقة ممكنة.
طوال فترة تواجده في ريال مدريد، لم يصدر من كاسيميرو أي تصريح مسيء، ولم يبدر منه أي تصرف يزعج الجمهور. لذلك، في حفل وداعه، بكى الأغلبية وتأثر الجميع. لقد تم بناء جسر كبير من العاطفة بين كاسيميرو والجمهور وكل من ينتمي إلى النادي. وقلة قليلة من اللاعبين الذين تمكنوا من الخروج كما فعل كاسيميرو.
أن تكون لاعبًا برازيليًا وتنضم إلى ريال مدريد وتستمر فيه لمدة 9 سنوات، معظمها كلاعب أساسي، ثم ترحل والجميع حزين لهذا القرار، فهذا يعني أنك بذلت المستحيل وقدمت مصلحة النادي على كل شيء دائمًا.
من لاعب فقد ثقة جميع مدربيه.. إلى قمة كرة القدم. من لاعب تم التعاقد معه مقابل 6 ملايين يورو فقط.. إلى لاعب تم بيع عقده بعد تحقيق كل شيء معه مقابل 85 مليون يورو: قصة تروي لنا معنى الإصرار عند اللاعب والنظرة الثاقبة عند النادي.